
عشر مساطر على اليد
كانت عقوبتي، حين صفعتُ زميلتي على وجهها، كوني فتاةً عنيفة تفتقر للأدب، هذا ما قالته
لي المعلّمة حينها،
هي لم تستمع لي وأنا
أبكي وأقول "ضربتها لأنّها قالت إن رائحتي كرائحة والدي . . كالقمامة
" .
عدت إلى المنزل وحضنته
بقوّة، شممتُ رائحته الجميلة بعمق وبكيت، تمنيت لو بمقدور العالم أجمع شمها، ليعرف
كم هي عطرة وتشبه رياض الجنة .
والدي عامل النظافة،
صاحب أجمل رائحة، وأجمل بفردتين من القفازتين اللّتين ترافقانه أينما ذهب لينظف الحدائق
والشوارع طوال النهار .. ثم يعود مساءً .. يستحم .. ويجلس بجانبي ليراجع لي ما يستطيع
من دروسي قائلا " مزيدا من الجهد يا طبيبة المُستقبل"
قد يعجبك
أيضا : قصص حب حقيقية .. تزوجته و هو مشلول ! .. حتى أنه لم يدخل عليها .. مازالت عذراء.. ماذا حدث
بصمت دون ضجيج
.. رحل والدي .. لكن رائحته لم ترحل بقيت عالقة في أنفي .. حتى القفازتين المهترئتين
لا زالتا في أول أدراج مكتبتي .. أضمهما كلما اشتقت إليه أشمهما كلما اختنقت من قذارة
هذا العالم ......
اثنا عشر عاما تفصلني
عن تلك الضربات على يدي .. لأجلس اليوم وأستمع لأنين مريضتي .. أقوم بفحصها وإعطائها
الدواء المناسب .. لتشكرني وهي تقول "لقد سمعت عنك الكثير .. حقا سمعتك سابقة
".....
أبتسم في وجهها وأقول
" ألم تعرفينني من رائحتي" وترد " لم أفهم أعذريني " فأجبتها:
"يبدو أن حاسة الشم لديك قد ضعفت أنا ابنة عامل النظافة رائحتي كرائحة والدي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق