
المزيانة نت | أمــاكن في الحـامة لها
بعد تاريخي
هناك أسماء ضيعات نخيل وقمراوة
وجبال وأودية، أصبحت اليوم ذات بعد تاريخي فهي تحمل أسماء أصحابها الذين إمتلكوها من
عهود قديمة، ولكن لم يعد لهم اليوم وجود بالحامة. وهناك ألقاب كثيرة لأسماء أجنّة تحمل
أسماء عائلات موجدودة اليوم بصفاقس. ولكثرتها ووضوح أسماء أصحابها جلبت إنتباهي فحرصت
على ذكرها لعلّها تعطي للقارئ الكريم فكرة عن متساكني الحامة قديما. كما أنها تشير
إلى ما تعرّضت له المدينة من نزوح جراء تدميرها. وقد نزح هؤلاء إلى المدن الكبرى مثل
صفاقس والقيروان، وهو ما يشير إلى أنهم كانوا من عائلات متمدنة كانت مستقرة في وسط
المدينة المسوّرة. وإليكم ما أستحضرته من هذه الأسماء على سبيل الذكر لا الحصر.
أولا: أسماء الأجنة
الجنان في الرسوم القديمة
بالحامة هو ضيعة النخيل التي تحيط بالمدينة. والتي تسقي بشكل منتظم بالماء الساخن من
عين البرج أوعين المجادمة - عين سيدي عبد القادر- وكانت هذه الضيعات فعلا أجنّة لأنك
تجد بها كلّ ما تشتهيه من الفواكه والغلال والخضروات حتى أنّ أصحابها يقضّون بها ثلاثة
أشهر كاملة بعائلاتهم في فصل الخريف، وهو إجراء دعا إليه –ماقون- العالم الفلاحي القرطاجي
قبل مجيء الرومان. ولفظ جنان مستعمل بكثرة في صفاقس. لكن أجنّة صفاقس مشجّرة بالزيتون
والأشجار المثمرة. وهم يقيمون بها في أغلب الأحيان. والملفت للإنتباه أنّ ضيعات الزيتون
في جربة والتي يقيم بها أصحابها يسموّنها منازل.
1 -جـنـان البل :
وهو الجنان الملاسق لعين
سيدي عبد القادر. وقد سمي بجنان البل حيث كان ماء هذه العين يكوّن بركة في هذه المنطقة.
وكانت الإبل عندما ترد تتجمع في هذا الجنان لتشرب من هذه البركة. فسمي الجنان بجنان
البل. وهو مايشير إلى أن البل كانت كثيرة في الحامة، وملاّكها من المستقرين بالمدينة،
لانه لا يعقل أن تأتي الإبل من مسافات بعيدة في الصحراء لتشرب من هذه العين.
2-جنــان السور :
يقع هذا الجنان بجهة الشياب
بالشمال الغربي للمدينة وسمي بجنان السور حسبما أكد السيد الجلولي فارس أن" سور
المدينة كان يمرّ بقربه. وهناك جنان آخر غير بعيد عنه يسمى جنان الشوكة. لعلّها شوكة
السور عندما يتجه من الغرب إلى الشرق.
3- جنـان إبن رافع :
يمتلك هذا الجنان الآن الأخوين
الفرجاني والميداني شربطي، أبناء عبد الرحمان بن علي بن عامر، ويقولان أن صاحبه إبن
رافع كان رجلا صالحا، والدليل على صلاحه وتقواه أنه يخاف الله ويواضب على الصلوات في
أوقاتها. وصادف أن فاتته صلاة الجمعة لسبب ما ، فتصدق بالجنان وغاب عن الأنظار، فأعتقد
الناس أنه رفع إلى السماء. أظنّ أن هذه القصّة فيها كثير من الخيال، وإسم رافع إسم
شخص عادي. وإبنه هو صاحب الجنان. لقد ورد في كتب الأنساب إسم رافع بن الليث بن نصر
بن سيّار من عظماء قواد الجند في ما وراء النهر. عصا أوامر الرشيد فعزله عن قيادة الجيش.
لعلّ هذا الحادث حمل هذا القائد المخلوع من منصبه على المجيئ إلى بلاد المغرب فاتحا.
كما جاء أبو لبابة لهذا الغرض. ويوجد لقب بن رافع في قابس في جهة المنزل ويقال أن"
أصلهم من الحامة أو أن جدهم انتقل ليستقرّ في الحامة.
4-جـنـان مالول
يقع هذا الجنان قرب جنان
البل وهو من أقرب الاجنة إلى المدينة. ويقول المؤرخون أنّ الدّور والأجنة القريبة من
المدينة يمكن أن يكونوا أصحابها من ذوي النّفوذ أو من السكان القدامى في المدينة. ولعلّ
في الإسم تحريف حيث وجدت إسم عائلة تسمى بني يملول وهم من قبيلة عربية من بني تنوخ
التي ينحدر منها بنو ناجي التنوخي. يقول روبار: " أن" فرع من عائلة يملول
حكموا مدينة توزر في القرن الخامس عشر ميلادي" فلعلّ اسم يملول إنقلب إلى مالول
لسهولة النطق عندما استقرّ قسم من هذه القبيلة بالحامة.
5 – جـنـان قرفة :
يطلق هذا الإسم على جنان
كبير يسقي من عين المجادمة. ومازال يسمى بهذا الإسم إلى اليوم. وقرفة هي قبيلة عربية
تعود إلى الإثبج بن أبي ربيعة . فلعلّ فرعا من هذه القبيلة سكن قديما بالحامة.
- 6 جنان بـو المعــالج :
هو إسم جنان عظيم يقع في
وسط واحة الحامة. وأبو معارج بالراء هو إسم قبيلة عربية من القحطانية كانت تقيم بالعراق.
وقد وقع تحريف هذا الإسم لسهولة النطق فأنقلب لفظ معارج إلى معالج. ومعالج الآن هو
لقب عائلة كبرى في صفاقس. فهل نزحت هذه العائلة من الحامة ؟
7-جـنان أبــو بحر :
هو جنان واسع الأرجاء على
ملك دار بو بكر من أولاد بالي من الخرجة الوطانة. وهو قريب من جنان أبو المعالج. وآل
بحر هو فرع من عشيرة الظوالم كانت تسكن بالعراق. ويقال أنّهم من قبيلة شمّر. فأين إنتقلت
هذه العائلة يا ترى؟
8 –9- جــنان اللومي وجنان أبو مزّيوة
:
هذان الجنانان يقعان بغابة
القصر ويشربان من عين البرج التي كانت تسمى بعين الحبالى وهذبان اللقبان اللومي ومزّيوة
موجودان الآن بصفاقس.
10-جنــان العمّارات
هذا الجنان من أهم الأجنة
في واحة الحامة نخيله متنوع الأصناف. وتكثر به الأشجار المثمرة. والعمارات في الأصل
هو إسم عشيرة من قبيلة عنزة العدنانية التي تستوطن منطقة الحجاز حتى الآن. وتسكن فروع
منها ببادية العراق .فهل إستوطن قسم من هذه القبيلة بالحامة قديما؟
11-جنــان تقزرين
تقزرين هو إسم بربري سمي
به جنان عظيم مربع الشكل قريب من جنان الخندق، وأعرف هذا الجنان جيدا، وهو الآن على
ملك أولاد سعيد. يقع بآخر واحة الحامة على طريق بوعطوش. فهو يفصل بين واحة القصر وواحة
الدبدابة . وبهذه المنطقة أجنة كثيرة أغلبها لها أسماء بربرية مثل : جنان تاغليسة و
جنان القواجي و جنان بو جلّيط و جنان البغوري جنان المغراويي. والمغاروة هو إسم عائلة
مازالت موجودة بالقصر حتى الان ولكنّ الإسم إختفى.
ثــانيا أسماء أماكن
1- إبن لاغوش
هو محمد إبن لاغوش كانت
له قبة وحولها مجموعة من القبور شمال الحامة بآخر المناشي على طريق الفجيج، وقبالة
مجمّع القمامة الجديد. كانت القبة قائمة الذات لعهد قريب. ويعتقد أنه رجل صالح من أصل
أمازيغي، ذكر إسمه في رسوم قديمة لعائلة أبي الوفاء. ويعتقد أن منطقة _ بلاّغوس_ بكسر
الباء كانت بها أثار قديمة قد تكون آثار برج كان قريبا من هذه القبور.
2- أبو عطوش
هو الآن إسم منطقة كان أصحابها
يقطنون داخل ضيعات النخيل. ثم أقاموا مساكن خارج الواحة وتكاثرت البيوت حتى أصبحت الآن
قرية متكاملة بها مدرسة إبتدائية ومستوصف.
وعطوش هو إسم عائلة بربرية.
وقد ورد في كتاب المغرب من تاريخ إفريقية والمغرب الجزء الثالث لابن عذاري"أن
موسى بن عطوش هو أحد قواد الخليفة الموحدى .جاء على رأس جيش للقضاء على ثورة إبن أبي
عمارة -إبن غانية-. ودارت بين الفريقين معركة طاحنة في هذا المكان"3. ربما لما
استشهد موسى بن عطوش دفن في المكان فسمي بإسمه. هذا مجرد إحتمال. ويوجد لقب عطوش بالشمال
التونسي حتى الآن.
3- مـنطقة والي
والي إسم منطقة خصبة شمال
الحامة، وغير بعيدة عن منطقة الفجيج، وإبن عواجة، ووادي الزيتون. ويذكر المؤرخون والروايات
الشعبية أن هذه المناطق كانت بها حضارة قديمة. وكانت عامرة بالسكان. ومازالت بها آثار
قرطاجية أو فنيقية. ويذكر السيد الصغيّر بالي وهو مقاول قام هناك بعدة أشغال أنه عثر
على عدة أبار مبنية من أولها إلى آخرها بحجارة منقوشة. كما أكدت ذلك عائلة بورقعة التي
تستوطن منطقة والي. وهناك حجر كبير يشبه القصعة وحولها حجارة كبيرة متناثرة، كذلك هناك
قولة شعبية مشهورة تشير إلى ماضي المكان. " آش أخلاك ياوالي " قال له :
" تعليق المخالي في اللّيالي ، الماشي إيبات والي والجاي إيبات والي".
4- إبن عـواجة
هو في الأصل إسم هنشير ثم
أصبح يطلق على المنطقة التي حوله. ويقع هذا الهنشير شمال شط الفجيج و هي أرض خصبة لزراعة
القمح والشعير وغراسة الزيتون. هو الآن على ملك عدة عائلات من القصر والدبدابة والخرجة
الوطانة والرحالة. وكان يستوطن بالحامة شخصان بارزان كل منهما يسمى عبّيد واحد عبيد
بن عواجة، والثاني عبيد اللّومي وكانت بينهما صداقة حميمة. ربّما يعود الهنشير إلى
عبيد بن عواجة. أما عبيد اللومي فهو فقيه مازال يحمل إسمه مسجد صغير وحمام إندثر الآن
. وعواجة هو إسم قبيلة عربية كانت تسكن بمنطقة تهامة باليمن. كما أنّ عائلة إبن عواجة
مازالت موجودة بجرسيس حتى الآن، أما عائلة الومي فتوجد بصفاقس.
5- ربيـعة
منطقة الميدة كانت تسمى
– ربيعة- ولا أدري أيهما أقدم. لعل إسم الميدة أقدم لأنه مأخوذ من شكل الأرض. فالميدة
هي الأرض المنبسطة كالمائدة. ثم سكنت قبيلة ربيعة أو فرع منها بهذه المنطقة فسميت بإسمها.
وربيعة هو جدّ قبيلة عربية مشهورة : ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان. ويوجد فرع من
هذه االقبيلة غربي مدينة سوسة .وهو إسم رجل لا إمرأة.
6- هـنشير تلمــام
لعل الإسم مركب من كلمتين
– تلّ الإمام – وهو هنشير خصب جنوب منطقة ربيعة وخنقة عيشة، هو سهل شاسع بين المنطقة
التي ذكرناها وبين أرض العرق التي ذكرها أحمد صفر أثناء حديثه عن جزيرة – تريتون- الشهيرة
التي كان مكانها غربي وذرف ، لما كان البحر متصلا بشط الجريد و التي كانت بها حضارة
قديمة.
7- العــرق
العرق هو كما ذكرنا منطقة
رملية خصبة جدّا، وهي مزارع للحبوب، كما يوجد بها شجر الزيتون. وقد ذكرها كل من أحمد
صفر ومحمود بوعلي أثناء الحديث عن جزيرة – تريتون- ومما يدعم قولهما أنّه كانت بالمنطقة
بقايا أثرية ربّما إندثرت الآن .
8- حجري:
هو في الأصل إسم قبيلة من
الكعوب من بني سليم. يمكن أن يكون فريقا منها أقام بهذا المكان فنسب إاليها .
9- سطّف
هو إسم منطقة خصبة بها هنشير
بمنطقة الظاهر، يعتقد البعض أنه من أصل روماني لكنّ إسمه يشير إنه بربري الأصل ودليلنا
على ذلك: (أ)لا توجد في العربية مادة سطف.(ب) توجد بالجزائر مدينة بربرية الأصل تسمى
سَطيف.
أسـماء الجبال والأودية
1– جبل العيدودي :
هو جبل يقع شمال
الحامة بمنطقة الفجيج. والعواديد هم عائلات يسكن بعضها بالحامة، وبعضها الاخر بمنطقة
زريق بقابس وبمناطق أخرى. ولعلهم جميعا يعودون إلى أصل واحد. تفرعت عنه عدة فروع. فالياء
في العيدودي هي ياء النسبة. وقد إشتهر الجبل إثر المعركة التي وقعت سنة 1853 بين مجموعة
من المجاهدين يقودهم الطاهر لسود وبين الجيش الفرنسي.
2-جبل عزيزة :
يقع هذا الجبل غربي
الحامة، ويسمى القسم المطل على طريق الحامة قبلي خشم الربيب. وهو جزء من سلسلة جبال
الظاهر التي تربط بين جبال نفوسة بليبيا وجبال لوراس بالجزائر و جبل الطباقة.
وتقول الحكايات الشعبية
أن عزيزة هي حاكمة بربرية كانت تقيم بهذا الجبل، وكان شعبها منتشرا في الأراضي الممتدة
من سفح الجبل حتى جبال مطماطة. وبالجبل أنفاق عميقة، وكهوف متعددة ربما كانت مساكن
لهؤلاء الأمازيغ الذين لا يمكن أن نقدّر تاريخ تواجدهم.
2- وادي التكوري :
هو الوادي الذي
يقع في مدخل الحامة. وتتجمّع مياهه من المرتفعات التي تقع جنوب البلاد، وتصبّ في سبخة
السمارية. ومحمد التكوري هو ولي صالح يقال أنه من المرابطين الذين دافعوا عن الحامة
أثناء الغزو الإسباني. وكانت لمحمد التكوري قبة في أول مصب الوادي بمرتفع شمال سانية
مدين على طريق المقبرة الجديدة . ويطلق إسم التكوري على عائلات تقطن بقابس ولها فرع
في الموازير.
3- وادي بورزيق:
يتغرّع هذا الوادي
الصغير عن مجاري سفوح الجبال التي تقع جنوب الحامة، والتي يتكون منها وادي التكوري
أيضا. ويقع هذا الفرع شرقي منطقة المحاجبة . ومن هناك يتجه نجو سواني أولاد بالي ثم
يواصل سيره إلى جهة الخرجة. وكان مصبه في وريطة ومنها ينساب في ضيعات النخيل متجها
نحو الغرب و أصل الاسم _ أبو رزيق _ أي أبو عبد الرزاق.
4- الدوّاية:
هو مكان يقع بمنطقة
الظاهر، تحيط به مرتفعات من الجهات الأربعة، وتوجد به آثار على شكل مجموعة من البشر
متحجّرين يحيطون بما يشبه القصعة. وبالمكان شجرة تين يظهر من شكلها أنها قديمة جدّا.
يؤكد ذلك المثل الشعبي الذي يشير إليها والذي يقول " باطل يا كرمة روغي يا دواية
". والقصة التي تصاحب هذا المثل أنّه كانت بالمكان قرية شاع فيها الفساد فمسخ
الله أهلها إلى حجارة. و سمّي المكان بالدّواية لما يحدثه من دويّ وإرتداد الأصوات
عند الكلام بقوّة. كما أنّ الذي يحلّ بالمكان يشعر برهبة وبشيء من الخوف والخشوع بشكل
تلقائي.
5- البنيّة :
ينطق اللفظ بكسر الباء
والنون وتشديد الياء، وهو تصغير للفظ بناء. يوجد هذا البناء الصغير بمنطقة الظاهر غربي
الحامة بنحو خمسة وعشرين كيلومتر وهو عبارة عن بيت متوسط الحجم مبني بحجارة رومانية
مربّعة الشّكل. ويوجد خلفه من ناحية الغرب آثار طريق بقربها أثر حفير يسمّيه العامة
الحذو. وهذه العناصر الثلاثة : البيت والطريق والحفير هي بقايا الحاجز الرّوماني الذي
أقاموه لصيانة المدينة من هجومات البربر وكان يسمّى – الليمس- وقد سبق الحديث عنه في
الفصل الأول من الكتاب يحسن الرجوع إليه.
هذه لمحة موجزة عن بعض الأماكن
التي تشير إلى ماضيها القديم، ولعلّ ما ذكرناه هو جزء يسير مما يجب أن يقال في هذا
الباب
من كتاب الحامة تاريخ و حضارة للأستاذ الهادي
بن وناس زريبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق